تحولت واحدة من أسوأ الذكريات التاريخية إلى قوة دافعة لتحقيق العدالة الاجتماعية. عندما إساءة معاملة الغريب، والأرملة واليتيم، وجاء في التوراة لتبين سبب ذلك بقوله تعالى، ﴿وَاذْكُرُوا أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيداً فِي دِيَارِ مِصْرَ فَأَنْقَذَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ. لِهَذَا أُوصِيكُمْ بِالْعَدْلِ﴾ (التثنية ٢٤: ١٨ ترجمة كتاب الحياة) .

كان لخروج بني إسرائيل من مصر الفرعونية دور كبير ومكان أساسي في التوراة. كثير من الوصايا المذكرة في التوراة متعلقة بهذا الخروج بشكل واضح، مثلا: ارتداء التفيلّين (الخروج ١٣: ٩) وارتداء الصيصيت (العدد ١٥: ٤١) وعدم العمل في كل يوم سبت (التثنية ٥: ١٤)، وتحريم الربا (اللاويين ٢٥: ٣٨)، وفرض أخلاقيات العمل والعدالة في تعمل مع الآخرين (اللاويين ١٩ : ٢٦).

أوصت التوراة أيضاً بعدم كراهية المصريين بقوله تعالى ﴿لاَ تَكْرَهُوا الْمِصْرِيِّينَ لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ ضُيُوفاً فِي دِيَارِهِمْ﴾ (التثنية ٧ : ٢٣ ترجمة كتاب الحياة) ومع ذلك، فقد استعبد بني إسرائيل على يد فرعون، ولم يكونوا غرباء. ولكن في الحقيقة سوء معاملة الأضعف في مجتمعنا هو مثل استعباد لهم، بقوله تعالى ﴿لاَ تُضَايِقْ غَرِيباً لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ مَشَاعِرَ الغَرِيبِ، فَقَدْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي دِيَارِ مِصْرَ﴾ (الخورج ٢٣ : ٩ ترجمة كتاب الحياة) وعلاوة على ذلك، نحن على عدم الانتقام، ولكن واجب علينا أن نقدر كل فعل لطيف قدم لنا من قبل الآخرين . لذلك تُذكر التوراة بأن فرعون، في البداية، دعا بني إسرائيل إلى الإسهاب في أفضل الأراضي المصرية (التكوين ٤٧: ٤، ٦).  

إن عيد الفصح العبري أو «عيد الفطير» هو الذكرى السنوية الرسمية لخروج بني إسرائيل من مصر الفرعونية، كما يوصف في سفر الخروج. وهو يمثل انتصار الحرية على العبودية، وانتصار الحق على الباطل وانتصار الإيمان بالإله الواحد على الوثنية. كما يشير هذا العيد إلى إثبات أن القوة والجبروت هي لله تعالى وحده، لأن شعب بني إسرائيل كان مستضعفاً ومستعبداً من قبل مملوكة فرعون التي كانت آنذاك القوة المسيطرة على العالم.

إن الحاخامات في العراق الذين عاشوا في الفترة العباسية ألفوا درساً رسمياً المسمى «هَجَّادَة» أو «ﻫﮕـادا» بالعبرية وهو مبني على تعاليم التي جاءت إليهم من القرن الثالث بعد الميلاد، مثل ما ذُكِر في «كتاب سفري عن سفر التثنية» (٢٦: ٥ – ٨). يقرأ كثير من اليهود الهَجَّادَة حتى يومنا هذا، على المائدة ليلة الأولى (وليلة الثانية) من العيد، بحضور أفراد العائلة ومناقشة محتوياه.

ومن المعروف بأن اليهود الذين عاشوا في الوطن العربي قرؤوا الهَجَّادَة باللغة العربية بالإضافة إلى لغتهم العبرية. وندعو قراءنا الأعزاء إلى استمتاع بسماع قراءة قطع صغيرة من الهَجَّادَة مرتلّة بالغة العربية بأربع طرق وهي كالآتي:

وسوف نرفق موضوعنا عن قصة الخروج من مصر القديمة بصور مختلفة تتبع الآيات المذكورة في كتاب التثنية (٢٦: ٥ – ٨).

شاهد فيلم الخروج من ارض مصر